حياك الله السائل الكريم، واسأل الله أن يتغمّدها برحمته ويرفع درجاتها، الظاهر من حال والدتك على ما ذكرت أنها لم تقصد الهبة المجردة، وإنما هبة الثواب، فهي لم ترضَ بهبة أرضها لذلك الشخص إلا مقابل هِبته لها أرضاً هي أفضل من أرضها، فهي قاصدةٌ للبيع أو المبادلة لا الأجر.
وبناءً عليه ما دام أنّ ذلك الشخص التزم بالعوض عن الأرض الموهوبة له، فتكون هبة أمك صحيحة، أما إذا لم يُسلم الشخص الغريب أرضه لأمك، فالهبة باطلة ويجب عليه إعادة أرض أمك للورثة.
وعليك أن تعلم أنّ هناك فرقاً بين نوعان من الهبة، سأذكرهما فيما يأتي:
النوع الأول
وهو هِبة المرأة شيئاً من مالها الخاص لشخصٍ غريبٍ جائزة من حيث الأصل ولا مانع منها، لأنّ المرأة البالغة الراشدة حرّة التّصرّف في مالها لا يُحجر عليها فيه، ولا تحتاج إلى إذن أحد، أو موافقته في التصرفات المُباحة شرعاً، وإن كان الفقهاء استحبّوا لها استئذان زوجها؛ تطيباً لخاطره، إلّا إذا كانت المصلحة في عدم ذلك.
النوع الثاني
وهي الهِبة التي يُقصد منها العوض والمقابل، فهذه الهِبة التي يُقدم عليها الشخص لاتفاقه مع الشخص الموهوب له على مقاءبل لهذه الهبة، هو ما يسمّيه الفقهاء "هبة الثواب".
فهِبة الثّواب يقصد بها أن يهب الشخص شيئاً من ماله لشخص آخر، وهو ينتظر مقابلاً لهذه الهبة، فليس قصده مجرّد التبرّع والأجر، ومثل هذه الهبة إذا كانت بشرط واتفاق مسبق بين الطرفين الواهب والموهوب له، فمقابل الهبة المُتّفق عليه يكون لازماً للموهوب له، وتبطل الهبة إذا لم يقدّمه الشخص الموهوب له، ويلزمه أن يُعيدَ الهِبة إلى الواهب فيكون هو أحق بها.
ومثل هذه الهبة تأخذ أحكام البيع أصلاً عند جمهور العلماء، من حيث الثمن والمُثمِّن، وشروط البيع وخياراته وغير ذلك، ولا يُطبق عليها حكم الهبة المجرّدة.