الأفعال الناسخة كان وأخواتها
كما نعرف أن المبتدأ والخبر من الأسماء المرفوعة لكن تدخل عليهم الأسماء الناسخة مثل (كان وأخواتها) فترفع المبتدأ ويسمى اسمها (تشبيهًا بالفاعل)، وتنصب الخبر ويسمى خبرها (تشبيهًا بالمفعول).
فمثلًا إذا قلنا: “محمد مريض” فإن:
- محمد: مبتدأ مرفوع وعلامة رفه الضمة.
- مريض: خبر مرفوع وعلامة رفع الضمة.
لكن إذا دخل عليها كان أو أحد أخواتها فإنها تنسخ الزمن إلى الماضي إلى جانب أنها تنصب الخبر وتترك الاسم على حاله، فنقول في نفس الجملة السابقة: “كان محمد مريضًا” وإعرابها:
- كان: فعل ماض ناسخ، مبني على الفتح لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك ولا اتصاله بواو الجماعة.
- محمد: اسم كان مرفوع بها، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- مريضًا: حبر كان منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
تفصيل كان وأخوتها
تم تسمية (كان وأخواتها) أفعال ناقصة لأنها تحتاج إلى اسم وخبر ليتمم معناها، فهي مفردة معناها ناقص، وأفضل طريقة لحفظ وتفصيل أخوات كان هو عن طريق متن ألفية ابن مالك أو متن الآجرومية، فيعددهم صاحب الآجرومية في قوله:
إِرْفَعْ بِكَانَ المُبْتَدَا اسْماً وَالْخَبَرْ *** بِهَا انْصِبَنْ كَكَانَ زَيْدٌ ذَا بَصَرْ
كَذَاكَ أَضْحى ظَلَّ بَاتَ أَمْسى *** وَهَكَذَ أَصْبَحَ صَارَ لَيْسَا
فَتِىءَ وَانْفَكَّ وَزَالَ مَعْ بَرِحْ *** أَرْبَعُهَا مِنْ بَعْدِ نَفْيٍ تَتَّضِحْ
كَذَاكَ دَامَ بَعْدَ مَا الظَّرْفِيَّهْ *** وَهْيَ الَّتِي تَكُونُ مَصْدِرِيَّهْ
وَكُلُّ مَا صَرَّفْتَهُ مِمَّا سَبَقْ *** مَنْ مَصْدَرٍ وَغَيْرِهِ بِهِ الْتَحَقْ
كَكُنْ صَدِيقاً لاَ تَكُنْ مُجَافِياً *** وَانْظُرْ لِكَوْنِي مُصْبِحاً مُوَافِيا
تفصيل الأفعال بالأمثلة
يمكن إجمال كان وأخواتها بالأمثلة على النحو التالي:
- الفعل (كان) يفيد الماضي، كقولنا: “الطعام ساخن” فعن دخول كان عليها تصبح “كان الطعام ساخن”؛ أي أنها بجانب العمل النحوي (رفع المبتدأ ونصب الخبر) أيضًا تفيد تحول المعنى إلى الماضي، فهي تفيد التوقيت الماضي المطلق.
- الفعل (أمسى) يفيد التحول في المساء نحو قولنا (أمسى الجو باردًا) فنجد أن الفعل قد عمل في الجملة فكلمة (بارد) منصوبة وعلامة نصبه الفتحة.
- الفعل (أصبح) يفيد أيضًا التحول والصيرورة (التوقيت في الصباح) نحو قولنا : “أصبح زيد مريضًا” فهذا يدل على أن زيد كان صحيحًا ثم تحول مريضًا في الصباح، ونجد أن الفعل الناسخ (أصبح) قد عمل في الجملة هنا بدليل أن كلمة (مريضًا) منصوبة.
- الفعل (اضحى) يفيد التحول في تحديد التوقيت بالضحى، نحو قول الشاعر:
“أضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا *** وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا”
فنجد أن الكلمة (بديلًا) منصوبة على خبر الفعل أضحى، مما يعني أنه من أخوات كان.
باقي الأفعال
استكمالًا لما سبق من أمثلة:
- الفعل (ظل) مثل قولنا: “ظل الجندي واقفًا يحرس الوطن” فهو يفيد الاستمرار في وقت النهار، كما نرى أن الكلمة (واقفًا) منصوبة وعلامة النصب الفتحة الظاهرة على آخر الكلمة.
- الفعل (بات) مثل قول الله تعالى: “وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا” فالفعل بات يفيد التوقيت في الليل مع الاستمرار، ونرى أن الكلمة (سجدًا) منصوبة على خبر بات والكلمة (قيامًا) منصوبة بالعطف على سابقتها، للدلالة على عمل الفعل (بات).
- الفعل (صار) يفيد التحول، أي تحول الاسم إلى الخبر، نحو قولنا: “صار القمح طحينًا” أي تحول القمح من صورته المعروفة في الحبوب إلى الطحين، فكلمة (طحينًا) منصوبة لأنها خبر صار وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة.
- الفعل (ليس) يفيد النفي كما في قوله الله تعالى: ” وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ” فنجد أن الكلمة (مرسلًا) منصوبة لأنها خبر ليس.
قد تناقش النحاة في مسألة إذا كانت (ليس) من الأفعال أم لا، وقد انتهوا إنها فعل، لأنها تقبل تاء التأنيث، وتقبل تاء الفاعل وتلك من صفات الأفعال كما قال ابن مالك:
” بتا فعلت وأتت ويا افعلي *** ونون أقبلن فعل ينجلي”
- الأفعال: (زال، وانفك، وفتئ، وبرح) هي أفعال الاستمرار أي تدل على دوام اتصاف اسمها بخبرها، وهذا الاتصاف يكون على دربين:
- الاتصاف الدائم الذي لا ينقع أبدًا نحو: (ما زال الله رحيمًا) أو (ما انفك كتابه معجزًا).
- الاتصاف الدائم الذي يصل إلى زمن المتكلم ثم ينقطع بعد ذلك أو لا، نحو: (ما زال النهر جاريًا).
- الفعل (ما دام) يفيد توضيح مدة ثبوت الخبر للاسم بمدة محددة، نحو قولنا: “أذاكر ما دمت دارسًا” أو قول الله تعالى: “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا“.
شروط عمل أفعال (كان وأخوتها)
من ناحية العمل في رفع المبتدأ ونصب الخبر تنقسم أفعال (كان وأخواتها) إلى ثلاث أقسام وهي:
القسم الأول
ما يعمل على رفع المبتدأ ونصب الخبر دون شروط وهم ثمانية أفعال:
- أنا
- أصبح
- أمسى
- ظل
- أضحى
- بات
- ليس
- صار
القسم الثاني
مجموعة أفعال ترفع المبتدأ وتنصب الخبر بشرط أن تتقدم عليها نفي أو شبه نفي (أو الدعاء)، وهي أربع أفعال:
قال عنها ابن مالك في الألفية:
“ فَتِئَ وَانْفَــكَّ وَهَــذِى الأَرْبَعَـهْ *** لِشِـبْهِ نَفْـىٍ أَوْ لِنَفْىٍ مُتْبَعَـهْ”
القسم الثالث
يرفع المبتدأ وينصب الخبر بشرط تقدم عليه (ما) المصدرية (الظرفية أو الوقتية)، وهو الفعل:
كان وأخوتها من حيث التصرف والجمود
تنقسم أفعال (كان وأخوتها) من حيث التصرف والجمود إلى ثلاث أقسام هي:
القسم الأول
أفعال تتصرف في ثلاث تصريفات فعلية؛ أي يأتي منها الفعل (ماضي، مضارع، أمر) وهم السبع أفعال:
- كان
- أمسى
- ظل
- أسبح
- بات
- أضحى
- صار
مثال على الفعل (كان):
- في الماضي: في قول الله: “… وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا“.
- في الامر: في قوله تعالى: “قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا“.
- في المضارع: في قوله تعالى: “قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ …”.
القسم الثاني
مجموعة أفعال تتصرف تصرف ناقص فيأتي منها الماضي والمضارع فقط، وهم أربعة أفعال:
مثال على الفعل (زال):
- في الماضي: في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجارِ حتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سيُوَرِّثُهُ“.
- في المضارع: في قوله تعالى: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ“.
القسم الثالث
الفعل غير المتصرف فلا يرد منه إلا الماضي فقط، وهما فعلان:
- الفعل (ليس) اتفق العلماء على أنه غير متصرف، ويرد في الماضي فقط.
- الفعل (دام) اختلف العلماء فيه، لكن على أصح رأي الجمهور أنه غير متصرف ويرد على صورة الماضي فقط.
أنواع اسم كان وأخواتها
يرد اسم كان وأخواتها على عدة حالات هي:
الحالة الأولى: اسم كان (اسم ظاهر)
بأن يكون كلمة ظاهرة مفرد أو مثنى أو جمع، مذكر أو مؤنثة، نحو الأمثلة السابق ذكرها.
الحال الثانية: أن يكون مضمر، واسم كان المضمر قد يكون في صورتين:
- ضميرًا مستتر، نحو قول الله تعالى: “ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا“.
- ضمير متصل من الضمائر التي تقبل الوقوع في محل رفع وهي (تاء الفاعل بأشكالها، نون النسوة، نا الفاعلين) المسماة بضمائر الرفع المتحركة و(ألف الاثنين /الاثنتين، واو الجماعة، وياء المخاطبة) المسماة بضمائر الرفع الساكنة نحو المثال السابق ذكره في قول الله تعالى “… وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ“.
أنواع خبر كان وأخواتها
دخول كان وأخواتها على الجملة التي قد تكون قائمة بذاتها صحيحة ويكون الخبر بحكم النصب وذلك تشبيهًا بالمفعول به، لذلك نجد أن أقسام خبر كان هي نفي أقسام الخبر للجملة الأسمية؛ فينقسم إلى نفس الثلاث أقسام:
الخبر المفرد: فريد أي كلمة واحدة وقد تكون جمع أو مثنى من حيث العدد وبذلك يظل الخبر مفرد، نحو الأمثلة السابق ذكرها في الشرح.
الخبر الجملة: ينقسم الخبر الجملة على قسمين:
- خبر جملة اسمية نحو: “كان الرجل صوته عالي”.
- خبر جملة فعلية نحو” أصبحت السماء تمطر ثلج”.
الخبر الشبه جمله: ينقسم الخبر شبه جملة إلى:
- خبر شبه جملة جار ومجرور نحو: “أصبح الحق لأصحابه”.
- خبر شبه جملة، ظرف، وقد يكون ظرف زمان مثل: “أصبح الحصاد يوم الربيع”، خبر شبه جملة ظرف مكان نحو: “أصبح الدفع عندنا في البيت”.
فوائد في شرح درس كان وأخواتها
يجب الانتباه إلى عدة نقاط هامة عند إعراب جملة كان وأخواتها مثل:
- أن خبر كان عندما يكون مفرد يتم إعرابه منصوب بعلامة النصب الأصلية أو الفرعية.
- يجب أن تتطابق كان وأخوتها مع أسمها في (التذكير والتأنيث) وفي الإفراد والتثنية والجمع (العدد).
- إذا تلى (كان أو أحد أخوتها) مباشرة (جار ومجرور بحرف الجر، ظرف زمان أو مكان) كان بعد (الاسم المجرور بحرف الجر أو المضاف إليه المجرور)، ويرفع اسم مؤخر لكان (أو أحد أخوتها الذي في الجملة).
بينما يُعرب الجار والمجرور في محل نصب خبر مقدم لها، نحو قولنا: “كان في الحقل محمد” أو قول الله تعالى: “…كَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ…”.
بذلك نكون قد انتهينا من الشق الأكبر حول إجابة سؤال ما الفرق بين الأفعال الناسخة والحروف الناسخة وشرحها ولم يبقى لنا إلا أفعال ناسخ نمر عليها في عجالة، وهي الأفعال التي تعمل عمل كان وأخوتها: