الصوم عن الكلام للحمل
يرى البعض بأن للصوم عن الكلام عدة أغراض، فمنها ما هو ابتغاء للذرية الصالحة، ذلك اقتداءً بما حدث مع نبيّ الله زكريا، والسيدة مريم العذراء، فيُقال في فائدة الصوم عن الكلام أن من تقوم هي وزوجها بالصوم لمدة 3 أيام على الأقل عن الكلام والتزام الصمت، سيرزقها الله -تعالى- من فضله بأن تحمل، ذلك ما يُقال فيه أنه العلم الربانيّ.
لكن أشير من خلال ما استفدت منه من تجربتي في الصوم عن الكلام إلى أنه لا يوجد في الدين الإسلامي ما يشير إلى علاقة الصوم عن الكلام بطلب الذرية والحمل، إلا ما ذكر من آيات قرآنية خاصة بنبيّ الله زكريا والسيدة مريم -رضي الله عنها- وكذلك سيدنا إبراهيم الخليل، وهنا وجب علينا الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية.
ذلك أنه ليس كل معجزة أصابت نبي أو رسول يُمكن أن تجعل المعجزة اعتياد على البقية أو حتى سُنة، فإذا خصَّ الله عبده بفضل منه وأمر غير مألوف، هذا لا يعني إتباع الطريقة ذاتها من أجل نيل الفضل ذاته، ذلك أن ابتغاء الذرية الصالحة من الله يكون بالدعاء والإلحاح في الدعاء.
كما أنه يكون من خلال الأخذ بالأسباب وطلب الفضل من الله والإيمان بالنصيب النافذ، حيث إن ما أتاه الله من فضل للأنبياء إبراهيم وزكريا كان بعد ابتلائهما بالانتظار، فكانت الذرية جزاءً لهما على صالح العمل والعبادة والطاعة.
نشير هنا إلى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
“دَخَلَ أبو بَكْرٍ علَى امْرَأَةٍ مِن أحْمَسَ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ، فَرَآهَا لا تَكَلَّمُ، فَقالَ: ما لَهَا لا تَكَلَّمُ؟ قالوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، قالَ لَهَا: تَكَلَّمِي؛ فإنَّ هذا لا يَحِلُّ، هذا مِن عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ، فَتَكَلَّمَتْ” (صحيح البخاري).
يحمل الحديث إنكارًا لأي بدعة من الممكن أن يتخذها المسلمون سنة من أجل نيل شيء معين، فأولًا وأخيرًا ليس أنفع للعبد من التسليم لحكم الله والرضا بقضائه.