حياك الله السائل الكريم، إن قيام الليل شأنه عظيم وأجره كبير، ودعاؤه مستجاب، فهنيئاً لك هذا العمل وهذه النية، والإنسان متى ما يرى نفسه مقبلة على عمل ما كقيام الليل؛ فالأفضل له أن يختار لنفسه ما يظن أنه سيكون فيه أخشع وأقرب إلى الله.
أي إذا كانت نفسك تحب التأمل فيما تقرأ من القرآن الكريم فأَطل القراءة، وإن كنت ترى نفسك تحب السجود والدعاء أكثر فعليك بكثرة السجود، أو إن كنت في يوم متعب فأكثر الركعات على طول القيام، فخلاصة الأمر أقبل على ما ترى فيه نفسك أخشع.
وقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ)، "أخرجه البخاري"، فهذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: (كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ، فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ، قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ، قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ)، "رواه مسلم"، وهذه وصيته وأمره لغيره -صلى الله عليه وسلم-.