أعمل في شركة، وساعات العمل طويلة، فأتوضأ قبل خروجي من المنزل وأقوم بالمسح على الجوارب لأداء الصلوات أثناء الدوام، فهل يجوز المسح على الجوارب في فترة الدوام؟
حياك الله السائل الكريم، وتقبل الله طاعاتك، وجلعنا وإياك من المقبولين، اعلم أنّ الله -عز وجل- قال في مُحكم كتابه: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، "سورة الحج: 78" وقد اتفق الفقهاء على جواز المَسح على الخُفَّيْن لكن بعدّة شروطٍ، وأخذ الحنبلية بجواز المسح على الجوارب أيضاً، وسأذكر لك شروط المسح على الخفين فيما يأتي:
أن يلبس المُتوضّئ الخُفّين على وضوءٍ وطهارةٍ كاملةٍ.
أن يكونا ساتريْن للكَعبين.
أن يكونا سميكَيْن؛ يُمكن متابعة المشي عليهما، ولا ينفذ الماء من خلالهما.
أن يثبت الخفّان على القدمين ويكونا متماسكين دون حاجةٍ لشدٍّ برباطٍ ونحوه.
وقد أجاز الحنابلة المسح على الجَورب القماشيّ بشروط الخُفّ السابقة، ويمكن العمل بقولهم حال الضرورة والمشقة، كما في حالك الذي ذكرت من المسح أثناء وقت الدوام الطويل، ودليلهم على ذلك حديث المغيرة بن شعبة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (توضأ ومسح على الجَوْرَبَيْن، والنعلين)، "صححه أبو داود في سننه".
ودليل الفقهاء في المسح على الخفين؛ ما ثبت عن المغيرة بن شعبة أنّه قال: (كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأهويت لأَنزع خُفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتَيْن، فمسح عليهما)، "أخرجه البخاري".
وذلك ضمن مدة المسح؛ وهي يومٌ وليلةٌ للمقيم، وثلاث أيامٍ بلياليها للمسافر، وذلك للحديث المروي عن شريح بن هانئ، حيث سأل عائشة أم المؤمنين عن المسح على الخفين، فأخبرته أن يسأل علي بن أبي طالب؛ لأنّه أعلم بذلك منها، فقال له: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نمسح، للمقيم يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام)، "رواه ابن ماجه في سننه".
وتبدأ مدة المسح من الحدث الأول بعد لِبس الخفين، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، وذهب بعض الحنابلة إلى القول بأنّ مدّة المسح تبدأ مع أول مسحٍ بعد الحدث الذي يلي لبسهما، وهو قول الإمام النووي وبعض العلماء لقوة حُجّتها.