حياك الله السائل الكريم، في البداية أنصحك في مثل هذه الأمور بالرجوع إلى دار الإفتاء أو المحكمة في بلدك وسؤال المختصّين، حيث يكونون على علمٍ بكافّة التفاصيل، ويجيبونك بحسب تفاصيل الحالة التي تسأل عنها، ومن خلال بحثي في حكم التفريق بسبب المرض النفسي استنتجت من أقوال أهل العلم عدّة أمور أوضّحها لك فيما يأتي:
إذا علمت الزوجة بمرض الزوج عند العقد أو بعده ورضيت به سقط خيارها في الفسخ، إذْ عدّ الفقهاء الرّضى مُسقِطاً لفسخ النكاح.
إذا كانت الزوجة لا تعلم بهذا المرض إلا بعد العقد ولم ترضَ به فأقوال العلماء في ذلك كما يأتي:
ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز فسخ النّكاح لعيوب محدّدة دون غيرها؛ وهي الأمراض التي يتعذّر معها الوطء والجماع، والأمراض المعدية أو المنفّرة؛ كالجذام والبرص ونحوها.
ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ كلّ عيب يؤدّي إلى نفور الطرف الآخر ويفوّت مقصود النّكاح كالتناسل والاستمتاع والمودّة يجوز فيه الفسخ أو قد يوجبه أحياناً.
وبناءً على أقوال الفقهاء السابقين يرى بعض العلماء المعاصرين أنّ المرض النفسي الشديد يمنع تحقّق أهداف الزواج والاستمتاع؛ كالفصام الحاد مثلاً، أو الأمراض النفسية التي تسبّب إضرار الزوج بزوجته وأذيّتها، فإن كان ذلك ثبت حقّ فسخ النّكاح قياساً على قول الفقهاء بثبوت فسخ النكاح بسبب الجنون.
وذهب بعض المتأخّرين أيضاً إلى جواز فسخ النكاح بأيّ مرضٍ نفسي دائم لا يحصل به مقصود الزواج أو ينفّر الطرف الآخر، وإذا ثبت هذا الضرر الذي لا تستقيم معه الحياة الزوجية سواء بإقرار الزوج أو بتقرير طبي جاز للزوجة أن ترفع أمرها للقاضي حتى يقضي بفسخ النكاح.
أما المرض النفسي الخفيف الذي يُعالج ويُمكن للزوجة التعايش معه دون أن يؤثّر على مقصود النّكاح فمثل ذلك لا يُفسخ الزواج لأجله؛ كالقلق العام، وما يسمّى بالاكتئاب الذهاني المتناوب وغيرها من الأمراض المؤقّتة والتي يُمكن علاجها.
هذا والله -تعالى- أعلم.