وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله لك في الموهوب، وشكرت الواهب، ورُزقتَ برّه، من السنة أن يُعَقَّ عن المولود، ويُحلَق شعره في اليوم السابع، كما جاء في الحديث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال:
(عقَّ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- عنِ الحسَنِ بشاةٍ وقالَ يا فاطمةُ احلِقي رأسَهُ وتصدَّقي بزنةِ شعرِهِ فضَّةً قالَ فوزنتْهُ فَكانَ وزنُهُ درْهمًا أو بعضَ درْهمٍ). أخرجه الألباني في صحيح الترمذي وهو حديث حسن.
والحلق يكون بالموسى (الموس)، أو ما يسمى بشفرة الحلاقة، كَما يَحلق الحاجّ في يوم العيد بعد التحلّل الأصغر، فيُزال الشعر كله بالشفرة الحادّة، وينبغي أن يكون الحلاق ماهراً، وله خبرة بحلق الشعر، لا سيّما في حلق شعر المواليد الصغار، وذلك خشية أن يغلط الحلاق فيؤذي الصغير، أو يجرح رأسه، أو يسيء الحلاقة فيعذّب الصبي، وهذا إثم ولا يجوز.
فإن لم تجد حلّاقا بهذه المواصفات، فيجوز الحلق بآلة الحلاقة (الماكينة)، وتقصير الشعر ما استطعت أن تقصّر منه، وما استطعت أن تزيل منه، فإن لم تتيسّر الآلة، ولم يتيسّر الحلّاق الماهر، فلا بأس لو تُرِك الشعر بلا حلاقة؛ لأن حلاقة شعر المولود مستحبة، وليست واجبة.
ولا يأثم الأب إن لم يحلق شعر مولوده الجديد، ولكن يقدّر وزن الشعر، ويتصدق بوزنه فضة، أو يقدّر قيمة الفضة ويوزّعها نقوداً، حتى وإن لم يحلق شعره، وهذا أيضاً مستحبّ وليس بواجب.
ولكن لا يعني هذا التهاون في حلق شعر الصبي وترك سنة الحلق، فتطبيق السنة من الأمور التي يجدر المحافظة عليها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وفيها فائدة كبيرة للصبي، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى). رواه البخاري في الصحيح عن سلمان بن عامر الضبي. ومعنى "أميطوا عنه الأذى"؛ أي حلق الشعر، فقد سماه أذى.
والله -تعالى- أعلم.