وعليكم السلام ورحمة الله، اعلم أنه لا يمكنك فعلياً الصلاة عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأن قبر النبي -عليه الصلاة والسلام- محاط بخمسة جدر تحوطه وتحفظه، فلا يمكن الوصول إليه فعلياً، وإنما الممكن هو المرور من أمامه وسيكون بينك وبينه مسافة.
وهذا من استجابة الله لدعاء نبيه -صلى الله عليه وسلم- لمّا قال في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والنسائي ومالك وغيرهم من حديث أبي هريرة وعطاء بن يسار رضي الله عنهما: (اللَّهمَّ لا تَـجْعَلْ قَبْري وَثَنًا، لعَنَ اللهُ قَوْمًا اتَّـخَذوا قُبورَ أَنْبِيائِهم مَساجِدَ).
وإنما المتاح هو إما الصلاة في الروضة الشريفة القريبة من قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصلاة فيها جائزة بلا خلاف، بل هي مستحبة مرغوبة، وهي من أسباب دخول الجنة، كما جاء في الحديث المشهور عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) متفق عليه.
وقد فسّر بعض العلماء معنى كونها روضة من رياض الجنة؛ أن العبادة فيها سبب لدخول الجنة؛ وحصول الثواب الجزيل، لذلك كان الإمام أحمد -رحمه الله- يختار تحرّي الصلاة فيها.
أما الموضع الثاني فهو أمام قبر النبي -عليه الصلاة والسلام-، بحيث تتقدم للأمام وتعطي ظهرك للقبر، وتصلّي مستقبلاً القبلة فهذا لا بأس به أيضاً، ولا مانع منه؛ لأنك تصلي للقبلة ولا تصلي للقبر.
وعلى كل حال مَن حاول تحرّي الصلاة إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بحيث يجعل القبر في قبلته أو نحوها، ويظنّ أنه يؤجر فقد أخطأ خطأً عظيماً، وخالف هدي النبي ووقع فيما حذّر منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نهيه عن اتّخاذ قبور الأنبياء مساجد.
والله أعلم