إن كثير الكلام قصير الفعل، هذا ما نجده في الكثير من الحالات التي تعاني من ضوضاء وصخب كثرة الكلام، فالكلام الزائد عن الحاجة الذي أصبحنا نعاني منه في عصرنا الحالي، من أهم مسببات الشجار مع الناس بل الأقربون منهم.
علاوةً على الجدل في أتفه الأمور، وترديد ما ليس به نفع، فهذه المشكلة تتفاقم بشكل كبير ويُمكن أن تؤدي لمشاكل أكبر من كونها إهدارًا للوقت، الذي أمرنا الله ألا نفطر فيه، فيقول رسولنا الكريم في حديث الشريف -صلى الله عليه وسلم-: “لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ” (صحيح).
الصوم عن الكلام للحمل
يرى البعض بأن للصوم عن الكلام عدة أغراض، فمنها ما هو ابتغاء للذرية الصالحة، ذلك اقتداءً بما حدث مع نبيّ الله زكريا، والسيدة مريم العذراء، فيُقال في فائدة الصوم عن الكلام أن من تقوم هي وزوجها بالصوم لمدة 3 أيام على الأقل عن الكلام والتزام الصمت، سيرزقها الله -تعالى- من فضله بأن تحمل، ذلك ما يُقال فيه أنه العلم الربانيّ.
لكن أشير من خلال ما استفدت منه من تجربتي في الصوم عن الكلام إلى أنه لا يوجد في الدين الإسلامي ما يشير إلى علاقة الصوم عن الكلام بطلب الذرية والحمل، إلا ما ذكر من آيات قرآنية خاصة بنبيّ الله زكريا والسيدة مريم -رضي الله عنها- وكذلك سيدنا إبراهيم الخليل، وهنا وجب علينا الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية.
ذلك أنه ليس كل معجزة أصابت نبي أو رسول يُمكن أن تجعل المعجزة اعتياد على البقية أو حتى سُنة، فإذا خصَّ الله عبده بفضل منه وأمر غير مألوف، هذا لا يعني إتباع الطريقة ذاتها من أجل نيل الفضل ذاته، ذلك أن ابتغاء الذرية الصالحة من الله يكون بالدعاء والإلحاح في الدعاء.
كما أنه يكون من خلال الأخذ بالأسباب وطلب الفضل من الله والإيمان بالنصيب النافذ، حيث إن ما أتاه الله من فضل للأنبياء إبراهيم وزكريا كان بعد ابتلائهما بالانتظار، فكانت الذرية جزاءً لهما على صالح العمل والعبادة والطاعة.