0 معجب 0 شخص غير معجب
83 مشاهدات

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (3.5مليون نقاط)
 
أفضل إجابة

 خطبة عن النفاق

الاجابة
أما بعد: فيها أيها الناس: لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- تبعه من تبعه من المؤمنين، ونابذه من نابذه من المشركين، ولم يكن هناك نفاق؛ لأن الإسلام وأهله كانوا ضعفاء، والإسلام قوي في نفسه، ولكنه يضعف في قلوب أهله، وإنما ينجم النفاق إذا قوي المسلمون وقوي الدين.

 

وإذا كان الإسلام قويا، وكان الكفار يتلبسون بلباس الإسلام، والنفاق في قلوبهم، ولم يعد بين صفوف المسلمين إلا مؤمن أو كافر، تجد المنافقين يحاولون الإفساد عن طريق الخفية، ويخشون أن يفتضح أمرهم، وينتهزون الفرص للنيل من الإسلام وأهله، وتجدهم دائما في صورة الناصح المشفق، ولكن ما إن يضعف الإسلام في قلوب أهله، ويضعفون هم إلا وتسقط الأقنعة، وتسفر عن وجوه النفاق، ويتميز المؤمن من المنافق.

 

عباد الله: في هذه الأيام ومع ضعف أهل الدين سقطت أقنعة كثير من المتأسلمين، وأصبحوا يجاهروا بنفاقهم بلا خوف ولا حياء.

 

عباد الله: ما أحوجنا أن نستكشف سمات النفاق والمنافقين، لنحذر منهم، فلقد حذرنا الله منهم، وبين لنا صفاتهم، ولقد قال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في شأن المنافقين: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْل)[محمد: 30]، قال الله -تعالى- في وصفهم: (بَشِّرِ المنافقين بأنَّ لهم عَذاباً أليماً * الذين يَتّخذون الكافرين أولياءَ من دونِ المؤمنين أيَبْتَغون عندهمُ العزّةَ فإن العزّة لله جميعاً)[النساء: 138- 139]، وقال تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)[النساء: 141]، وقال سبحانه: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)[النساء: 143].

 

أيها الناس: لقد كان للمنافقين في زمن النبوة صولات وجولات، ونزل في شأنهم آيات تتلى بل نزلت فيهم سورة كاملة، ولعلنا نستعرض بعضا من مواقفهم لنقيس عليها مواقف منافقينا هذه الأيام، فهم إخوة من الرضاعة رضعوا من ثدي واحد لا يختلفون؛ فمن مواقف المنافقين في غزوة أحد استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه قبل المعركة فكان رأي عبد الله بن أبيّ بن سلول وهو رأس النفاق،  التحصّنُ في المدينة، بدل الخروج لمواجهة المشركين، وكان هذا رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- كذلك، لكنّ الشباب والمتحمسين، لا سيما الذين فاتهم حضور غزوة بدر، كانوا يرون الخروج للقتال، فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- على رأيهم، وخرج في ألف رجل، قال ابن إسحاق: "حتى إذا كان المسلمون بين المدينة وأحُد، انخذل ابن أبي سلول بثُلث الناس، وقال: أطاعهم وعصاني! ما ندري علامَ نقتُلُ أنفسنا ههنا أيها الناس؟!".

 

وهكذا انسحب ثلاثمائة من المنافقين وممن كان مخدوعاً بابن سلول، في ذلك الموقف الحرج، وصار المسلمون في خطر داهم، فإن معنويات بقية الجيش ضعفت بانسحاب من انسحب، وقلّ عدد الجيش من ألف إلى سبعمائة، وصارت المدينة النبوية مهددةً بأن يجتاحها المشركون وينهبوا خيراتها ويَسْبوا نساءها.

 

فأكبر صفات المنافقين: الخذلان والخيانة وقت الحاجة، وللمنافقين في غزوة الخندق خيانة أخرى، كان من أبرز ما عبّر به المنافقون عن مواقفهم المتخاذلة في غزوة الخندق هو النكوص عن المشاركة في حفر الخندق، وقلّة انضباطهم في صفّ المسلمين، وكثرة تردّدهم إلى بيوتهم بهدف تفتيت الصف، ونشر التخاذل بين المجاهدين، يقول تعالى: (قد يعلمُ اللهُ المُعَوِّقينَ منكم والقائلين لإخوانِهِمْ هَلُمَّ إلينا ولا يأْتون البأسَ إلا قليلاً)[الأحزاب: 18].

 

وأخذ المنافقون ينفثون مكنون نفوسهم، ويعملون على نشر الوهن والخذلان في صفوف المؤمنين، ويُكذِّبون وعد الله ورسوله بالفتح، يقول تعالى: (وإذْ قالت طائفةٌ منهم يا أهل يَثرب لا مقامَ لكمُ فارجعوا)[الأحزاب: 13]، وأخذوا يتندّرون بأحاديث الفتح ويَسخرون منها، وقالوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يُخبركم أنه يُبْصِر قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنتم تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرزوا!"، قال تعالى: (وإذْ يقولُ المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ ما وَعَدنَا الله ورسولُه إلا غروراً)[الأحزاب: 12].

 

وكانوا يحرّضون أهل المدينة على ترك الصفوف والعودة إلى بيوتهم، ويتعذّرون بأن بيوتهم عورة، وقد فضحهم الله -تعالى- في قوله: (ويستأذن فريقٌ منهمُ النبيّ يقولون إن بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ إن يريدون إلا فراراً)[الأحزاب: 13].

 

ومع كلّ هذا لم يستطع المنافقون أن يفُتّوا في عضد المسلمين الصادقين فثبتوا عند الخندق حتى أرسل الله -تعالى- الريح على الأحزاب فانقلبوا خاسرين، وفرح المؤمنون بنصر الله.

 

ولا يزال للمنافقين في زمن النبوة قصص في الخيانة نأتي عليها في الخطبة الثانية -بإذن الله-.

 

اللهم طهر قلوبنا من النفاق..

اسئلة متعلقة

0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة 75 مشاهدات
0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة 60 مشاهدات
...