سأل أحدهم المفتي في برنامج إذاعي عن الجنابة والصيام هل يجوز الصيام على جنابه، بمعنى هل الجنابة تبطل الصيام؟ وللأسف انقطع البث، وكنت بحاجة لمعرفة الجواب، لذا أرجو الإفادة، هل البقاء على جنابة يبطل الصيام المستحب أو صيام الفريضة، وهل يختلف حكم الصيام على جنابة عمدًا أم سهواً في رمضان أو غيره؟ مع الشكر الجزيل.
الإجابة
حياك الله، وأشكر لك حرصك على تتبع حكم هذه المسألة. لقد أجاز جمهور العلماء الصوم في حال الجنابة؛ سواء أكان في صيام رمضان، أو في القضاء، أو حتى في النافلة؛ على أن يكون جنباً في الليل أو قبل بدء الصيام، وذلك للأدلة الآتية:
ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (أنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَسْتَفْتِيهِ، وَهي تَسْمَعُ مِن وَرَاءِ البَابِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فأصُومُ، فَقالَ: لَسْتَ مِثْلَنَا يا رَسولَ اللهِ؛ قدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ: وَاللَّهِ، إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بما أَتَّقِي). "أخرجه مسلم"
ما ثبت عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها قالت: (إنَّ نبيَّ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كان يُصبِحُ جُنُبًا، من جِماعٍ غيرِ احتلامٍ، ثمَّ يُصبِحُ صائمًا)، "متفق عليه" وفي رواية أخرى: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي). "أخرجه مسلم"
وعلى هذا فإن الطهارة من الجنابة لا تعدّ شرطاً من شروط صحة الصيام، ولا فرق بين الجنابة بسبب الجماع، أو الحلم، أو غيرهما؛ إذ إن بعض الأحاديث النبوية نصت على الجماع تحديداً؛ من باب بيان نوع الجنابة التي كان عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما يباشر صومه.
ولكن وجب التنبيه على أن تعمد البقاء على الجنابة حتى الظهر لا يجوز؛ حيث يلزم من ذلك فوات أداء صلاة الفجر، وفي هذا إثم كبير؛ إذ يجب على المسلم أداء الصلوات في وقتها، وإن فاتته وجب عليه قضاؤها.