وعليكم السّلام والرحمة والإكرام، جزاك الله كل خير على هذا العمل الصالح، ونسأله لنا ولك الثبات على الخير..
أمّا عن قراءة القرآن الكريم وإهداء ثوابه للميّت، فذهب أهل العلم على الرأي الصحيح إلى جوازه، ووصول أجره إلى الميت، ويجوز قراءته بأيّ وقت كان، وقد استدلّوا على ذلك بعدة أدله، منها:
ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)، فهذا دليل على أنّ الميت ينتفع بعمل الحي، وبما قدمه في حياته وبقي حتى بعد مماته.
قوله -سبحانه وتعالى-: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ)"الحشر:10"، فهذا يدلّ على أنّ الاستغفار والدعاء للميّت يصل إليه.
ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- قالت: (أنَّ رَجُلًا أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ تُوصِ، وَأَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَلَهَا أَجْرٌ، إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ)، وافتُلِتت نفسها أيّ تُوفّيت فجأة، وهذا الحديث يدلّ على وصول أجر الصدقة إلى الميّت.
ما ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس -رضيَ الله عنه- قال: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِن خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ علَى عِبَادِهِ في الحَجِّ أدْرَكَتْ أبِي شيخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ علَى الرَّاحِلَةِ فَهلْ يَقْضِي عنْه أنْ أحُجَّ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ).
فهذه مجموعة من الأعمال التي ينتفع بها صاحبها بعد موته، ويصل إليه ثوابها، ومن قال بوصول أجر قراءة القرآن الكريم قاس على هذه العبادات والأعمال.