0 معجب 0 شخص غير معجب
102 مشاهدات
في تصنيف فتاوي بواسطة (177ألف نقاط)

تقابلت مع أحد المتخرجين من دار العلوم فذكرت الجنة وما فيها من النعيم الدائم والتلذذ بالمأكل والمشرب والمنكح، وأن تلك هي التي أُهبط منها آدم وحواء حين أكلا من الشجرة، فأخبرني أن الجنة ليس فيها أكل ولا شرب ولا نكاح كالدنيا، وإنما تحصل لأهل الجنة لذة الأكل والشرب والجماع عند اشتهاء أنفسهم ذلك بدون فعل كالنائم يرى أنه أكل كذا وكذا فيتلذذ بذلك، والحال أنه لم يفعل ذلك حقيقيًّا. فقلت له: إن في القرآن الحكيم ما يدل على ذلك نحو قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[٧٢] لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ[٧٣]﴾ [الزخرف: 72 - 73]. وقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[١٩]﴾ [الطور: 19]. وقوله تعالى: ﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الطور: 20]، وغير ذلك من الآيات. فقال: إن الله تعالى وعد المؤمنين بالتنعيم في الجنة بالأكل والشرب والنكاح المعلومة لذته لهم تقريبًا لأفهامهم وتشبيهًا، إذ لو وصف لهم التنعم بغير ما هو معلوم لهم لما كان له موقع في أنفسهم، ولما فهموا معنى التنعم، وتلك الجنة ليست هي التي أُهبط منها آدم وحواء. ولقصوري عن إقناعه حررت هذا لسيادتكم راجيًا الإجابة عن ذلك على صفحات المنار بما يشفي الغليل ملتمسًا الإعادة إذا كان سبق توضيح ذلك في مجلد مضى من المنار، لأن ابتداء اشتراكي في المجلد الثامن، ولا زلتم في عز وجاه، والسلام عليكم ورحمة الله.

1 إجابة واحدة

0 معجب 0 شخص غير معجب
بواسطة (177ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

حكم اللذات الحسية في الجنة وجنة آدم

  • لا خلاف بين المسلمين في [أن] الإنسان يُبعث في الآخرة كما كان في الدنيا، أي أن حقيقته لا تتبدل فتخرج عن الإنسانية إلى حقيقة أخرى، بيد أنه يكون في الجنة أرقى مما كان في الدنيا، فتكون حياته دائمة سليمة من العلل، ومتى كان الإنسان إنسانًا فلا وجه لاستنكار أكله وشربه وغشيان أحد زوجيه للآخر حقيقة، وقد جاءت الآيات صريحة في ذلك فلا وجه لإخراجها عن ظاهرها وتحريفها عن معانيها اتباعًا للهوى والرأي. نعم، قد دلت النصوص المأثورة من الآيات والأخبار والآثار أن جميع ما في الجنة من النعيم هو أرقى مما في الدنيا، وأن حقيقته غيبية، ما رأت مثلها عين ولا سمعت بمثلها أذن ولا خطرت على قلب بشر، ولكن ذلك لا يمنع أن تكون حقيقة جامعة بين اللذة البدنية واللذة الروحية لأن الإنسان بدن وروح. وإنني لا أعرف سببًا لسريان شبهة فلاسفة اليونان والنصارى إلى نفوس بعض المسلمين في هذه المسألة إلا توهمهم أن اللذة الحسية نقص في الخلقة لا يليق بالعالم الآخر. ولو عقلوا وحققوا لعلموا أنه ليس في الفطرة نقص، فداعية اللذة والتمتع بها من كمال الخلقة، ولكن لما كان الإنسان قد يسرف في تمتعه، وقد يسوقه كسبه واختياره إلى الاعتداء على حق غيره ليتمتع به.

  • وكان ذلك ضارًا بنفسه وبمن يعيش معهم، كان الإسراف والاعتداء مما نهت عنه الشرائع تأديبًا للإنسان وإيقافًا لقواه عند حدود الاعتدال، حتى لا يبغي بعضها على بعض، وعدّ الإسراف والعدوان من النقص، لأنه يعوق الإنسان في أفراده ومجتمعه عن بلوغ الكمال الذي خلق مستعدًا له، وإنما يناله إذا اعتدل في استعمال جميع قواه مع مراعاة كل فرد لحقوق سواه.

  • أما قولكم: إن الجنة التي وُعد المتقون في الآخرة هي الجنة التي سكنها آدم في أول نشأته، فلا دليل عليه، والراجح المختار من القولين في ذلك أنها بستان من بساتين الدنيا، إذا لم تكن القصة تمثيلًا لأطوار الإنسان في هذه الحياة. وإذا أردت مزيد البيان، فراجع تفسير الآيات في ذلك ولو في غير المنار[1].

اسئلة متعلقة

0 معجب 0 شخص غير معجب
1 إجابة 113 مشاهدات