وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، باركَ الله فيكِ على اهتمامكِ بالمسائل الفقهيةِ، وأسأل الله العظيمَ أن يديمَ عليكم نعمه، بداية أخي الكريم عليك أن تعلم أنَّه لا خلاف بين الأئمة الأربعة في حكم أكل لحم الإبل.
حيث أجاز لأئمة الأربعة أكلَ لحمِ الإبل؛ ودليل ذلك أنّ الإبل من الأنعام التي أباح الشرع الحنيف أكلها والأضحية بها، حيث قال الله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)،[الحج: 34] ووجه الدلالةِ؛ أنَّ إباحة الأضحيةِ بالإبلِ دليل واضح على جوازِ أكلِ لحومها.
أمَّا بخصوص سؤالك: هل أكل لحم الإبل ناقضٌ للوضوءِ أم لا، فاعلم أخي الكريم أنَّه قد تباينت آراء أهلِ العلمِ في ذلك، إلَّا أنَّ الكثير من العلماء رجّحوا أنَّ أكل لحمِ الإبلِ لا يُنقض الوضوء، والدليل في ذلك الحديث المذكور في صحيح النَّسائي والذي حكمَ عليه الألباني بالصحة: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (كانَ آخِرُ الأمرَينِ مِن رسولِ اللَّهِ تَرْكَ الوضوءِ مِمَّا مسَّتِ النَّارُ).
واعلم أنَّ الأفضلَ والأحوطَ لك أن تجدّد وضوءك بعد الأكلِ من لحمِ الإبلِ، احتياطًا لعبادتكِ، وخروجًا من الخلافِ الذي وقع بين أهلِ العلمِ في هذه المسألةِ، واجعل نيتكَ في ذلك نيل الأجرِ والثوابِ.
وفي الختام أريد تنبيهكَ على وجوب الزكاةِ في حقِّ عائلتك؛ إذ إنَّ مَن ملكَ خمساً فأكثر من الإبل، فإنَّ ماله قد بلغَ النِّصاب، ووجبت الزكاةُ في حقِّه، ودليل ذلك الحديث الصحيح الذي أورده البخاري في كتابه عن أبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- قال: (ومَن لَمْ يَكُنْ معهُ إلَّا أرْبَعٌ مِنَ الإبِلِ، فليسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الإبِلِ، فَفِيهَا شَاةٌ).